حتى نتمكن من فهم فوائد الغذاء في التعليم فنحن بحاجة إلى نظرة خاطفة على أهم الموصلات العصبية التي تتحكم في طبيعة الدماغ والقدرة على اكتساب المهارات والإنفعالات والسلوكيات, من أهم هذه الموصلات:
1. الأسيتايل كولين: الأسيتايل كولين هو احد اللبنات الكيميائية الرئيسية للمخ, وهو السبب الأكثر شيوعا في التسبب بضعف الذاكرة في حالة نقصه.
يتم تصنيع الأسيتايل كولين من العنصر الغذائي الكولين المتواجد في الأسماك ولا سيما السردين وهكذا تتفوق الأسماك كمغذ قوي لذاكرة صحية, كما أن البيض احد المصادر الجيدة للكولين ,يليه الكبد ,فول الصويا, الفول السوداني, المكسرات واللحوم والأجبان والخضروات مثل البروكلي والملفوف والقرنبيط.
الكولين بشكل منفرد لا يمكن ان يفيد في تصنيع الأسيتايل كولين, فالمخ بحاجة الى الثيامين والكوبالامين وحمض الباناثونيك وفيتامين ج لتشكيل الأسيتايل كولين في المخ.
2. الدوبامين: وهو موصل عصبي مهم للحركة والانتباه والتعليم, إلا أن زيادته قد تؤدي إلى مشاكل عقلية مثل الفصام وجنون العظمة, عندما يتوفر الدوبامين في الدماغ بشكل وافر فسرعان ما يتجه المزاج الى الإيجابية والسرور والتفاؤل والتركيز, انخفاض الدوبامين يبدل المزاج ويسبب التوتر والقلق والسلبية والنفور وضعف الضمير تجاه السلوكيات السلبية, خلايا المخ التي تصنع الدوبامين تستخدم في صناعته الحامض الأميني الفينيل الأنين الموجود في الكثير من المصادر الغذائية مثل اللحوم والأجبان.
أما الإغذية التي تساعد على زيادة الدوبامين في المخ فهي التفاح والموز الغني بالحامض الأميني التيروزين الذي يتحول في خلايا المخ إلى الموصل العصبي المرغوب الدوبامين لذلك فالموز يعطي دفعة من الحماس والتركيز واليقظة والحب، كما أن الجبن والبيض والدجاج والأسماك والبطيخ والفول والبقول كلها معززات جيدة لإنتاج الدوبامين موصل السعادة والتركيز والحب، لذلك فإن أصحاب المشاعر السلبية والمزاج الرديء والملامح المتهجمة والغضب السريع والتهيج المستمر هم فقراء في موصل السعادة الدوبامين فلا غرابة أن يلجئوا إلى إرتكاب الحماقات والأخطاء بدون شعور بأدنى ذنب أو مسؤولية فهم ضحية سلوكهم الغذائي الفقير, فإن لم يلجئوا إلى تعويض نقصهم بالغذاء الجيد فلا غرابة أن يلجئوا إلى الكحوليات والمخدرات كحل سريع لإنعاشهم حتى لو كان حل مؤقت ومدمر.
3. السيروتونين, موصل عصبي مهم للاسترخاء والنوم والحساسية والشهية و الشعور بالرضى.مرضى الاكتئاب غالبا ما تكون لديهم مستويات ناقصة من السيروتونين, الأطعمة التي تساعد على زيادة السيروتونين في المخ هي الحبوب و البطاطا والنشويات الكربوهيدرات حيث أنها تحسن امتصاص الحامض الأميني التريبتوفان الذي يتحول إلى سيروتونين في الدماغ خلال ثلاثين دقيقة بعد تناول الطعام.
4. البيروجلوتامات: قدرة الموصلات العصبية على توصيل الرسائل تعتمد على وجود مواقع حساسة لاستقبال هذه الرسائل على أفضل صورة, هذه المستقبلات تحتاج إلى نوعية متخصصة من المغذيات تتمثل في الأحماض الدهنية من النوع اوميجا-3 والفوسفاتيديل سيرين والحامض الأميني بيروجلوتامات الذي يساعد على تحسين قدرة الدماغ على تلقي الرسائل العصبية بشكل كبير, وبالتالي زيادة التعلم والذاكرة بزيادة عدد مواقع استقبال موصلات الأسيتايل كولين.
تتواجد البيروجلوتامات بوفرة في المخ والسائل الشوكي, وهي تساعد على زيادة إنتاج الأسيتايل كولين وتعزز من مستقبلاته كما تحسن التواصل بين نصفي المخ الأيمن والأيسر , بمعنى تحسن الحديث والاستماع والتعاون والتعلم والذاكرة والتركيز وسرعة ردود الفعل.
تتوافر البيروجلوتامات في كثير من الأغذية مثل الأسماك ومنتجات الألبان والفواكه والخضروات.
5. الفوسفاتيديل سيرين: تعطي هذه المادة دفعة للمخ وهي عضو في عائلة الفسفولبيدات الهامة لصحة الكبد والجهاز المناعي والمخ والأعصاب , تتوفر هذه المادة بكرم في الدماغ الصحيح, تتزايد الأدلة يوما بعد يوم حول أهمية هذه المادة لصحة الدماغ من ناحية تحسين الذاكرة , المزاج , التعلم , التركيز و مقاومة الضغوط.
يوجد سر غامض في هذه المادة يجعلها تتميز في تعزيز القدرات العقلية, هذا السر هو كونها حلقة وصل رائعة بين خلايا المخ، ومن حسن الحظ لمعظم الناس أنهم مزودين بنظام داخلي قادر على تصنيع هذه المادة, مما يجعلها وبرغم دورها الهام في تحسين القدرات العقلية نصف ضرورية غذائيا, ومن حسن حظنا كعرب خاصة أنها تتوافر في اللحوم التي نقبل على تناولها بشراهة , حيث أنها في الحالات الطبيعية قادرة على إمدادنا بـ 50 ملجم في اليوم، بينما يعاني أصحاب الأنماط النباتية من نقص في إمدادات الفوسفاتيديل سيرين والتي لا تزيد عن 10 ملجم يومي , لذلك فهم بحاجة إلى مكمل غذائي يعوض هذا النقص.
تعتبر هذه المادة كنزا ثمينا للأشخاص الذين يعانون من صعوبات في التعلم والكبار في السن المعرضين لفقدان الذاكرة.
وبما أن مادة الفوسفاتيديل سيرين ترقت إلى منصب لبنة بناء لأغشية خلايا المستقبلات العصبية فإن أهم وظائفها تحسين المزاج والذاكرة ومقاومة الضغوط وزيادة القدرة على التعلم والتركيز.
وهكذا نتأكد أننا بحاجة إلى الكثير من المواد الغذائية لنحصل على ذاكرة مميزة نلخصها في اللحوم الخالية من الدسم, والأسماك الزيتية, الألبان ومنتجاتها قليلة الدسم, الحبوب الكاملة, الفواكه والخضروات والمكسرات.
ماذا عن المشروبات المنبهة؟
مفيدة لزيادة التحصيل في اللغات, كاللغة الإنجليزية والعربية وغيرها من اللغات كما تؤكد الدراسات, لكن يجب عدم الإكثار منها لما يزيد عن 3 أكواب متفرقة من القهوة يوميا للأشخاص المعتادين على شربها حتى لا تؤتي بمفعول عكسي, أما الغير معتادين فإن المغامرة بشربها أيام الإختبارات غير محبذة, فقد تظهر حالة حساسية من الكافيين وتؤدي إلى اضطرابات قد تنتهي بالوفاة لا سمح الله.
العصائر
عصير الليمون, البرتقال, مشروبان ناجحان في إزالة التوتر والضغوط, فضلا عن كونهما غنيان بفيتامين ج المضاد للأكسدة.
الأعشاب
ثبت علميا فائدة إكليل الجبل (الروز ماري), الزنجبيل, الزعتر, الكركم, الميرامية, الزعفران.
زيوت أوميجا-3
زيت بذرة الكتان, زيت السمك, زيت الكانولا يفضل تناولها مع السلطة أو حبوب مكملة.
عن ماذا نبتعد؟
بالتأكيد عن أعداء الذاكرة, السكر المكرر, والنشويات البيضاء (دقيق أبيض, أرز أبيض)، الدهون المشبعة (زبده, سمن (مسلى)، زيوت مهدرجة), التدخين وحميات إنقاص الوزن.
ملاحظة
في حال الرغبة في قضاء بعض الوقت في تركيز وانتباه مع عدم الشعور بالنعاس فمنتجات اللحوم والبيض هي الصنف المفضل للبدء بها في الوجبة, وفي حال الرغبة في قضاء بعض الوقت في الاسترخاء أو المثول للنوم فمنتجات الحبوب والحليب هي خير سبيل لقضاء ليلة هانئة خالية من الأرق
