السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نفسك عالم عجيب ،يتبدل كل لحظة و يتغير ، و لا يستقر على حال .
تحب المرء فتراه ملكاً ، ثم تكرهه فتبصره شيطاناً ، و ما ملكاً كان قط و لا شيطاناً ، وما تبدل ،
و لكن تبدلت حالة نفسك .
و تكون في مسرة فترى الدنيا ضاحكة ،
ثم تراها و أنت في كدر باكية قد فرغت في سواد الحداد .
و ما ضحكت الدنيا قط و لا بكت ،
و لكن كنت أنت الضاحك الباكي .
فما هذا التحول فيك ؟
و أي أحكامك على الدنيا أصدق ؟
إن النفس ياأخي كالنههر الجاري ، لا تثبت قطرة منه في مكانها ،و لا تبقى لحظة على حالها ، تذهب و يجئ غيرها ، تدفعها التي هي وراءها ، و تدفع هي التي أمامها .
في كل لحظة يموت واحد و يولد واحد ، و أنت الكل ،
أنت الذي مات و أنت الذي ولد ،
فابتغ لنفسك الكمال أبداً ، و اصعد بها إلى أعلى ، و استولدها دائماً مولوداً أصلح و أحسن ،
و لا تقل لشئ ( لا أستطيعه)
فإنك لا تزال كالغصن الطري ، لأن النفس لا تيبس أبداً ، و لا تجمد على حال،
إنك تتعود السهر حتى ما تتصور إمكان تعجيل المنام ، فما هي إلا أن تبكر في المنام ليال حتى تتعوده .
فتعجب كيف كنت تستطيع السهر !!
فلا تقل لحالة أنت فيها ، لا أستطيع تركها ، فإنك في سفر دائم ،
و كل حالة لك محطة على الطريق ، لا تنزل فيها حتى ترحل عنها .
فياأخي ::
اعرف نفسك ، و اخلُ بها ، و غُص على أسرارها .
و تساءل أبداً : مالنفس؟
و ما العقل ؟
و ما الحياة ؟
و ما العمر ؟
و إلى أين المسير ؟
و لا تنس أن من عرف نفسه عرف ربه ، و عرف الحياة .
عرف اللذة الحقيقية التي لا تعد لها لذة .
و أن أكبر عقاب عاقب به الله من نسوا الله أنه أنساهم أنفسهم !