التفكر في خلق الله تعالى يوقف الإنسان على حقيقة عظيمة وهي رسو هذه الخليقة على ذرات من الابداع و الاتقان الخلقي منقطع النظير ففي كل نظرة و منظر أية عظيم و برهان جلي يدل و يشر الى خالق عظيم .
قال الشاعر
فيا عجبـا كيف يعصـى الإلـه ؛؛؛؛؛ أم كــيف يجحـده الجـاحد
وفـي كـل شـيء لـه آيـة ؛؛؛؛؛ تـدل علــى أنــه واحـد
وللــه فــي كـل تحريكـة ؛؛؛؛؛ وتســكينة أبــدا شــاهد
وإن النظرة السليمة التي ينبغي أن نسلكها نحن المؤمنين ليست التي تقف بنا عند ظواهر الأشياء، بل التي تحملنا من الظاهر المشهود إلى الباطن المحجوب، ومن معرفة المخلوق إلى معرفة الخالق عز وجل الذي أنشأه وأبدع له النظام الذي يسير عليه .
فاذا نظرت الى نقطة الماء ما اجملها ما ابرع تصميمها ما أروع منظرها وأدق تصميمها وأعجب تركيبها ، فلا تجعل نظرتك تقف عند هذا وقل من كونها من أبدعها من ركبها من وضع مسبباتها و شق طريقها .
ألم تر إلى قول الله تعالى: (( الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى" من فطور (3) ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير (4))) (الملك)،
"سبحان الخالق" لعل كل واحد منا عندما يلفت نظره احد المباني الشاهقة يقول ما أعظم هذا المهندس لقد أنجز شياً عظيماً وربما غاية ما فعله أن درس و خطط .
فهل تفكرت و نظرت و كررت النظرة الى هذه السبع العظيمة التي لا يعرف مداها و مدها أظلت أقوماً تعاقبوا على هذه الارض منها يتساقط شرابك و منها تستنشق هواء نفسك و منها و منها ما زالت قائمة بلا سند ولن تزول حتى يتجلى لها الرحمن فسبحان من خلق سبعاً ووضع سبعا .
علينا أن نجدد النظرة و النظر و نكررها فيما حولنا ففيها الكثير من الدلائل و العبر !
أورد بعد هذا شيء من الأثر النافع
و بعض الأسباب و العوامل المحفزة لفكر السليم .
عن عطاء قال " دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة، فقالت لعبيد بن عمير قد آن لك أن تزورنا، فقال أقول يا أمه كما قال الأول "زُر غِبًّا تزدد حبًّا"، قال فقالت: دعونا من رطانتكم هذه،
قال ابن عمير: أخبرينا بأعجب شئ رأيته من رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: فسكتت، ثم قالت: لما كانت ليلة من الليالي قال: ياعائشة ذريني أتعبد الليلة لربي قلت والله إني لأحب قربك وأحب ما سرك، قالت: فقام فتطهر ثم قام يصلي قالت: فلم يزل يبكي حتى بل حجره، قالت ثم بكي فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، قالت: ثم بكي فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي قال يا رسول الله لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر؟
قال: "أفلا أكون عبدا ً شكورا ً، لقد نزلت على الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيا (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لإُوْلِي الألْبَابِ {190} الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
و من السبعة الذين يظلهم الله ظله في يوم لا ظل الا ظله : رجل ذكر الله خالياً ففاضة عيناه . ( الخطاب بصيغة المذكروهي تعم الكل)
بعض من الأسباب و العوامل
المفيدة لإعمال العقل و احياء عبادة التفكر .
1- قوة الإيمان بالله و أستشعار عظمته في خلقه .
2- قراءة القران الكريم بقلب حاضر و نفس خاشعة و عقل متدبر متذكر.
3- كثرت القراءة و المطالعة في الكتب العلمية النافعة و سير السلف و كيف كان حالهم . قال تعالى إنما يخشى الله من عباده العلماء .
4- إعمال النظر و تكرار النظرة فيما حولنا من أيات ونعم و عبر بينات و أستخلاص الحكم.
5- الاختلاء بالنفس و الابتعاد عن الملهيات.
6- المداومة على ذكر الله و التسبيح بحمده و بنور الله تفتح طرق العلم