هل شكرت نعمة رمضان؟؟!!
هل يا ترى تشعر بنعمة الله عليك بأن أكرمك ببلوغ رمضان؟! .. فكم كثير غيرك كان يتمنى أن يبلَّغ رمضان ولكنه رهين القبور الآن .. لم يبلغ شهر العتق من النيران ... لم تفتح له أبواب الجنان.. لم يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر أو يشهد ليلة القدر كي يضاعَف رصيده عند ربه ...
هل تشعر باصطفاء الله لك أن امتن عليك بهذه النعمة التي ما بعدها نعمة؟
فلابد أن تدلل على شكر النعمة بالإجتهاد في العمل .. قال الإمام البيهقي "علامة العبد الشاكر لأنعم الله ألا يدع بابًا من أبواب الخير إلا ويدخل على الله منه" .. وشكر نعمة رمضان هو الدافع لك للاجتهاد فيه .. قال سعيد الجريري " كان يقال إن تعداد النعم من الشكر"
عدد نعم الله عليك في رمضان .. فقدمنحك فرصة العتق من النيران .. أغلق كل باب للشر ويسَّر لك كل أبواب الطاعات فإن لم تعمل فالمشكلة منك .. بسط الله عز وجل يده إليك حتى تتوب إليه .. منحك فرصة لمغفرة جميع الذنوب ولتبدَّل سيئاتك إلى حسنات .. فتح لك باب الدعاء، لتدعو بدعوة
مستجابة عند كل فِطر .. منحك الله عز وجل فرصة ليتضاعف أجرك ببلوغ ليلة القدر ونيل القرب منه .. منحك فرصة أن تبَلَّغ الفردوس الأعلى ..
أليست كل هذه نِعم تستحق الشكر؟
إذا استشعرت هذه النِّعم العظيمة فلابد أن تحتقر أي عمل تقوم به ... لأنه لا وزن لأي عمل قياسًا بما مَنّ الله به عليك من النعم .. لو استشعرت مدى اصطفاء الله لك، لتجاهدن في الله بكل ما عندك .. قال تعالى {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ ..}[الحج: 78]
فالحذر إخوتاه من أن تأتي نِعم رمضان مثل كل عام وتُسلَب منا .. كم قمنا وتركنا؟ .. كم تلونا وهجرنا؟ .. كم صمنا وضيعنا؟ .. كم أطعنا ثم أسرفنا؟
هذه النعم سُلِبَت منا، لأننا ما شكرنا نعمة الله علينا فيها .. قال تعالى {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}[إبراهيم: 7]
وزادك للوصول هو صدق العزم وعلو الهمة ..فهذا زمان
العطاء والبذل و الإجتهاد والتشمير للطاعة.
وعليك أن تنظر إلى عمل عُمَّال الآخرة في رمضان الذين يشكرون نعمة الله بحق .. فهذا يُعينك على أن تجتهد في رمضان ..فقد كان الإمام أحمد يصلي 300 ركعة في اليوم، وكان مُحدّث وفقية ورجل أمة .. وكان الإمام الشافعي يختم ختمتين في اليوم في نهار رمضان وليله .. وتوجد أمثلة كثيرة للمجتهدين في عصرنا الحالي، فهناك من يستغفر 70 ألف مرة ومن يقوم مئة ركعة بالليل ومن يختم كل ثلاث ليال في رمضان ..
فلم لا تغبطهم وتحاول أن تتعبد وتعمل مثلهم وأكثر؟ ألا تهفو نفسك إلى أن تُبلغ ولو القليل من اجتهاد السلف؟
ولكن لنكن تُجَّار نوايا قبل الأعمال ولا نغتر بكثرة الطاعات ..قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم"[صحيح الجامع (1590)] .. فالقلب قد أرهقته المعاصي طوال العام، لذا نحتاج إلي تجديد النوايا وأن ندعو الله أن يبدلنا بقلوب طاهرة صافية
تكون محلاً لتوحيده ومعرفته ومحبته
والوصفة السحرية لبلوغهم ما بلغوا، تتلخص في أمرين:
أولاً: خلوص البواطن من الشك بقوة اليقين .. عن أبي موسى قال: قال رسول الله قال صلي الله عليه وسلم "إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف"،فقام رجل رث الهيئة فقال يا أبا موسى أنت سمعت رسول الله قال صلي الله عليه وسلم يقول هذا؟، قال نعم، فرجع إلى أصحابه فقال أقرأ عليكم السلام ثم كسر جفن سيفه فألقاه ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل.[رواه مسلم]
انظر إلى سرعة رد فعله ويقينه، عند سماعه للحديث نفَّذه في التو واللحظة .. وماذا عنك؟!
ثانيًا: بذل النفوس للمجاهدة والإجتهاد .. فكانت نفسه رخيصة يبذلها في الأعمال الصعبة على النفس كي ينال رضا الله عز وجل، لذلك نالوا البر .. قال تعالى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ
عَلِيمٌ} [آل عمران: 92]
ولكي تنال العزيمة التي تُبلَّغ بها اجتهاد السلف، عليك بالآتي:
1) استشعر ضيق الوقت ..قال بعض السلف "علامة المقت ضياع الوقت"، فلتجعل شعارك من اليوم كشعارهم "لا يوجد عندي وقت".
2) صارع الغفلة وأسبابها .. قال بعضهم "من غفل عن نفسه تصرَّمت أوقاته وعَظُمَ فواته واشتدت حسراته" .. فأغلِق كل أسباب الغفلة واجعل عملك كله بنية العبادة حتى العمل الدنيوي.
3) أوصيك بهذا الكنز .. قال قال صلي الله عليه وسلم "يا شداد بن أوس إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة فاكنز هؤلاء الكلمات اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك وأسألك قلبا سليما ولسانا صادقا وأسألك من خير ما
تعلم وأعوذ بك من شر ما تعلم وأستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب"[السلسلة الصحيحة (3228)]
4) استشعار حب الله .. قال صلي الله عليه وسلم "إن الله تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفسافها"[صحيح الجامع (1890)] .. فأنت عالي جدًا بطاعته وباصطفائه لك، فلا تضيع نفسك وتُرخصها بالتكاسل عن الطاعة.
5) دوام الاستعانة والتوكل .. قال تعالى {..فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159] .. وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائمُ .. وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
6) اغسل قلبك من أثر الدنيا .. فلو نزعت كل ذرة من ذرات الدنيا من قلبك، ينفتح لك بكل ذرة تنزعها باب خير عند الله عز وجل.
7) تَنَشَّط ولا تعجز وانهض، مضى زمن الكسل .. اغسل وجه الجد من غبار الكسل، واهجر التردد لكي تكون مجتهدًا اجتهادًا حقيقيًا.
نسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على العمل الصالح في رمضان،،
دمتم بود