الآية التي تمنَّى اليهودُ لو نزلت عليهِم ليتَّخِذوا يومَها عيداً
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الآية التي تمنَّى اليهودُ لو نزلت عليهِم ليتَّخِذوا يومَها عيداً ؟
قرأ ابن عباس هذه الآية ومعه يهودي: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا ) فقال اليهودي: لو نـزلت هذه الآية علينا في يوم لاتخذناه عيدًا، فقال ابن عباس: فإنها نـزلت في عيدين اتفقا في يوم واحد يوم جمعة وافق ذلك يوم عرفة
يا لها من حلاوة
عباد الله احمدوا الله عزّ وجلّ على النِّعمة المطلقة والفضيلة التّامة الّتي أنعمها علينا وأكرمنا بها، ألا وهي نعمة الإسلام، تلك النّعمة الّتي أنزل الله في بيان فضلها آية تمنّى أحبار اليهود أن تُهدَى إليهم، وتنزل عليهم، لما عرفوا أنّها سبب عزّ المسلمين ورفعتهم، روى البخاري عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْيَهُودِ قَالُوا: لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا! فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: (أَيُّ آيَةٍ؟) فَقَالُوا: ''الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا'' فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: ''إِنِّي لَأَعْلَمُ أَيَّ مَكَانٍ أُنْزِلَتْ، أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ''.
فتأمّل أيُّها المسلم كيف أدرك هذا الحبر اليهودي أنّ المسلمين قد وهبهم ربّهم نعمة تامة، فهل أدركنا وعرفنا نحن قيمة هذه النِّعمة؟ واسمعوا هذا الحديث العجيب الّذي أخرجه الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ''ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السّلام والتّأمين''، فإذا كان اليهود حسدونا على هذين الأمرين وهما السّلام والتّأمين فكيف يكون حسدهم على الإسلام كلّه.
وقال الله تعالى: ''وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ'' ومن شِدّة حسدهم أن بلغت بهم الحال فعملوا على إبعادنا عن ديننا.
أيّها المسلمون: ولهذا فنحنُ أمام خيارين لا ثالث لهما إمّا أن نطيع أعداءنا ونستجيب لرغباتهم وحسدهم ونسير في ركابهم ونقع في حبالهم وشِراكهم الّتي ينصبونها لنا من أجل أن يبعدوننا عن ديننا... وإمّا أن نستجيب لنداء ربّنا ونعرف قدر نعمته علينا وندرك أنّ الله رحمنا بهذا الدِّين فنلتزم بدينه ونعتَزّ بشريعته ونذعن لطاعته وننقاد لأمره ونقف عند حدوده، قال الله سبحانه وتعالى مبيّنًا هذا الأمر مجليًا حقيقته ''وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ'' وقال سبحانه وتعالى: ''وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ: أي: طريقي الخير والشرّ، وبيّنَا له الهدى من الضّلال، والرشد من الغي.
وقال الله عزّ وجلّ متوَعِّدًا كلّ مَن حاد عن الإسلام وتنكّب الصراط المستقيم: ''وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى × قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا × قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى × وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى''. وقال أيضًا: ''وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ''.
- إنّ من أهم آثار الإسلام أنّه ينشر السّكينة والطمأنينة في النّفوس والقلوب وسبب الحياة الطيّبَة قال تعالى: ''مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ'' وقال تعالى: ''هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا''.
الحمد لله والشكر لله على نعمة الاسلام والتقدير