السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم مع الله؟ ثم كيف حالكم مع أنفسكم؟
أرجو من الله أن تكونوا بخير.
إليكم درس اليوم:
قال ابن القيم رحمه الله: الإنابة هى عكوف القلب على الله عز وجل كاعتكاف البدن فى المسجد لا يفارقه، وحقيقة ذلك عكوف القلب على محبته وذكره بالإجلال والتعظيم، وعكوف الجوارح على طاعته بالإخلاص له والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن لم يعكف قلبه على الله وحده عكف على التماثيل المتنوعة كما قال أبانا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لقومه:{مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُم لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء:52].
فاقتسم هو وقومه حقيقة العكوف: فكان حظ قومه العكوف على الأصنام والتماثيل، وكان حظه العكوف على الرب الجليل.
والتماثيل التى ذكرتها لم تكن هى الأصنام فقط وإنما قصدت بالأصنام كل الصور الممثلة إن كانت فى بشر أو فى أى شيء.
فتعلق القلب بغير الله واشتغاله به والركون إليه عكوف منه على التماثيل التى قامت بقلبه وهو نظير العكوف على الأصنام، ولذلك كان شرك عباد الأصنام بالعكوف بقلوبهم وهممهم وإرادتهم على تماثيلهم فإذا كانت فى القلب قد ملكته واستعبدته بحيث يكون عاكفاً عليها فهو نظير عكوف الأصنام عليها، ولهذا سماه النبى صلى الله عليه وسلم عبداً لها، ولم يكتف بذلك بل ودعا عليه بالتعس والنَّكس فقال: "تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ".
وهنا نجد أنه يظهر من كلام ابن القيم رحمه الله أن الإنابة هى الوصول الى درجة من الإيمان والمحبة لله عز وجل يعلق فيها العبد قلبه بالله فيكون حبه لله وفى الله وبغضه فى الله وتوكله على الله ورجاؤه وخوفه من الله عز وجل واشتغال جوارحه بطاعة الله عز وجل فتصير نفسه مطمئنة بالطاعة والعبادة ولا يسعد العبد فى الدنيا والآخرة حتى يكون كذلك، ومثل هذه النفس المطمئنة هى التى ينادى عليها عند خروجها من الجسد: {يَا أَيَّتُهَا النَّفسُ المُطمَئِنَّةُ * ارجِعِى إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرضِيَّةً * فَادخُلِى فِى عِبَادِى * وَادخُلِى جَنَّتِى} [الفجر30].
خلاصة:
المعنى الصريح من كل اللى بنقوله ده ان فيه منزلة اذا وصلنا لها هانبقى وصلنا لإننا خلاص قربنا بجد من ربنا ونقدر نحس بجد بمعنى الطاعة وحلاوة الايمان.
طيب دلوقت حد ها يسأل أعرف انى وصلت وللا لسه ازاى؟
هاقولك انا:
لما تلاقى نفسك بتحب فى الله ولله ازاى؟ انك لما تحب حد تحبه لله من غير مصلحه ولا عشان توطيد العلاقات زى ما بيقولوا اللى مش محتاج وشه النهارده بكره تحتاج لقفاه ..لأ احنا بنحب عشان ربنا، ولما تلاقى نفسك بتكره كمان فى الله طيب ازاى دى؟ اقولك انك لما دكتور فى الجامعة ينزلك فى اعمال السنة ما تكرهوش لان ده هايكون كره عشان نفسك وعشان الدنيا لكن لما تلاقى حد انتهك حرمات الله او سب رسول الله زى الغرب القذر كده او رسم رسومات مسيئة للرسول زى الدنماركيين او سب امنا عائشة زى الشيعة نكرهه لأن ده انتهك حدود الله فلو كرهناه عشان كده يبقى كره فى الله، وانك تتوكل على الله وتبعد عن الرشوة والاكرامية والهدايا المبررة للرشوة وتبدلها بركعتين الحاجه والدعاء، وتبقى ما بتخافش الا من ربنا وما تترجاش الا ربنا وتبعد عن حكاية اولياء الله الصالحين والمقامات ودموعك تنزل فى ركعتين القيام كده لما تفتكر انك هاتموت وتتحاسب وتقف بين ايادى الله ويسألك ومع دموعك دى تقول لربنا ارحمنى يارب واعفى عنى بس بقولك ايه بصدق مش تقرأ الكلمتين وتروح تعمل زيهم وتقول انا وصلت أه، وانك تشغل جوارحك بطاعة الله ازاى؟ اقولك انك مثلاً وانت فى المواصلات تقرا قرآن ووانت ماشى تسبح وتذكر الله وبالليل تقوم الليل وفى الشغل تعمل اللى يرضى ربنا وتقف جنب الناس فى الخير وتساعد المحتاجين تخلى عينك على طاعة وتغض البصر عشان ما تشفش حرام وتخلى ودنك ما تسمعش حرام وتخلى ايدك ما تلمسش حرام ورجلك ما تخطيش خطوة حرام وبطنك ما يدخلهاش لقمة حرام وفرجك وما ادراك ما فرجك تحفظه عن كل حرام وقلبك وحط مليار خط تحت قلبك اصل هو ده اللى بيحرك كل الجوارح اللى ذكرناها تعمل فيه ايه؟ تصرفه عن كل حرام اوعى يدخل جواه حب حرام ولا حتى تفكر فى حاجه ممكن تصرف قلبك عن ربنا ده هو ده المضغة اللى لو فسدت الباقى كله فسد خد بالك منه وحافظ عليه عشان ربنا يحفظك.
لو فعلا عملت الحاجات دى تبقى وصلت منزله الانابة بس لازم تكون صادق مخلص بينك وبين نفسك ماتعملش الحاجات دى عشان تكون كويس فى عيون الناس اعملها بينك وبين نفسك الاول عشان تقرب من ربنا فا يخليك ملتزم فى عيون الناس.
ولو وصلت فعلاً للمنكان ده هاتلاقى نفسك بقيت واحد تانى خالص هاتلاقى نفسك جسمك فى الدنيا وروحك وقلبك بتطير وتحلق حول عرش الله اصلك دلوقت هاتبقى خلاص دخلت من الباب اللى ربنا فتحهولك وسمحلك تدخل منه هاتبقى بجد حاجة تانية.
فكن رجلاً قدماه فى الثرى وهامته فى الثريا.
وأخيراً نسأل الله تعالى أن يهدى نفوسنا وأن تكون نفوساً مطمئنة بطاعة الله عز وجل وأن يبلغنا منزلة الإنابة استجابة لأمر الله عز وجل حين قال: {وَأَنِيبُواْ إِلَى رَبِّكُم وَأَسلِمُواْ لَهُ مِن قَبلِ أَن يَأتِيَكُمُ العَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ} [الزمر:54].
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته