حسن عسيري
الدكتور عبد العزيز الخضيري وزير الثقافة والإعلام. شهادتا الماجستير اللتان حصلت عليهما من "ماسيوشيتس" و"هارفارد" في التخطيط والسياسات التنموية، وإحساسك الأخلاقي المعتدل والحريص على قيم الناس والحفاظ عليهم من مخاطر ما يدس لهم تحت شعار منظمات الإعلان الغريبة عنا، كل هذا يجعلنا مبتهجين لأن كلا التخصصين من اسمين عريقين، يعني أن التخطيط والتطوير والاستراتيجية ستكون ثلاث كلمات بارزة في عملك ـــ بإذن الله ــــ سترى من عمر مقالي "492 كلمة"، أرجو أن أكون محددا وواضحا فيها، ولعل لنا لقاء يشرح تفاصيلها.
أولا:
علينا التسليم بحقيقية تاريخية بأنه لم يتم إقرار أي مشروع لتطوير التلفزيون منذ أول يوم من تأسيسه حتى هذه اللحظة التي تقرأ فيها المقال. العالم يتغير ويتحول حول صورتنا المرئية التي ما زالت عبارة عن صورة تراثية متلفزة لا تتزامن ولا تنسجم مع متغيرات واقعنا. قبل عشر سنوات، كانت كلمة "خبر عاجل" مقلقة جدا، الآن أصبحت يومياتنا العادية أخبارا عاجلة، وأصبح كل مواطن يبث عاجله. هناك من يظن أن التطوير يعني الانفلات من إيماننا الأخلاقي الإسلامي المعتدل، وهو ما تتاجر به "لوبيات الضد"، لأنهم يرون أن ذلك يعني حرية مطلقة، مما يعني تجاوز المحاذير، وهو أمر ساذج وينفي حقيقة الإبداع الذي يستطيع أن يتحرك وينمو داخل إطاره الأخلاقي، منسجما مع الحراك الاجتماعي.
التطوير ربما يكون من خلال فتح طرق الدعم والمساندة والإسعافية لهيئة الإذاعة والتلفزيون بما فيها. يحتاج التلفزيون السعودي إلى ما لا يقل عن 650 مليون ريال لصناعة خريطة برامجية محترمة ومحترفة تنقل الشباب من التخييم السلبي في "تويتر". نذكر جميعا قبل سنوات كانت جميع عواصم الإنتاج العربية "الكويت، مصر وسورية" تقوم بالإنتاج حسب المواصفات المحافظة والمعتدلة السعودية. في تلك الفترة، لم تكن الغريزة هي أساس الصناعة التلفزيونية، إنما الإبداع وفق مبدئنا الأخلاقي.
ثانيا:
الإعلام الخارجي، صوتنا في العالم وللعالم، هناك ضرورة أن يتحول إلى هئية مستقلة تحت مظلة وزارتكم. يجب أن يكون لدينا صناعة لصورتنا في الخارج، وهو ليس قرارا ترفيهيا إنما سيادي لأننا قبلة المسلمين. هيئة الإعلام الخارجي عليها التعاون مع شركات عملاقة في صناعة الرأي العام والعلاقات العامة، جماعات من الضغط، لاعبين مؤثرين في المجتمع الدولي. شئنا أم أبينا، نحن مسؤولون أمام العالم كله أن نقول مثلا بأن "داعش" لا تمثل الإسلام.
ثالثا:
مكتبة التلفزيون فيها ما لا يقل عن 500 ألف مادة تمثل حضارة وتاريخ وذكريات وأحلام وقصص السعوديين. نحتاج إلى إيمان لتحويل الأرشيف التقليدي إلى رقمي تفصيلي بمحرك بحث داخلي متطور، يحفظ تاريخنا.
رابعا:
يستمرئ كثير من الموردين من فنانين ومنتجين ومؤلفين الذين يشعرون أن مصالحهم قد تضررت أو تعطلت مع وزارة الثقافة والإعلام وهيئاتها، القذف بالتهم المختلفة لقيادات وموظفي الوزارة في شكل بات مستفزا ومحبطا لموظفي هذه الوزارة مستخدمين شبكات التواصل الاجتماعي في ضرب أعراض وذمم الموظفين. وأزعم أن مثل هذا سيخلق حالة من الكره لمكان أعمالهم ويزعزع نفسياتهم، وأرى أن من المناسب جدا توجيه الإدارة القانونية لمتابعة ذلك قضائيا، ونحن نتحدث هنا عن الإدعاءات الكاذبة والاتهامات الباطلة مع أهمية بقاء الأبواب مشرعه للنقد الهادف العقلاني.
أعانك الله ويسَّر لك ما يعينك على مهمتك وأمانتك، فوالله إنها أمانة كبيرة وثقيلة ولكن أنت لها.
المصدر صحيفة الاقتصادية