إحضار النية وإخلاصها لله تعالى
إحضار النية وإخلاصها لله تعالى
منقول من الفريق العلمي للدراسات
بتصرف قليل
1- أساس قبول الأعمال
2- فضل النية والإخلاص
3- تنبيهات مهمة على الإخلاص
4- الإعجاب بالنفس
5- حرص السلف على النية الصادقة والإخلاص
6- الإخلاص يورث الخشوع والانكسار
7- نماذج من إخلاص السلف
8- من ثمرات وفوائد الإخلاص
التعريف
(خلص) الخاء واللام والصاد أصل واحد مطَّرِد،
وهو تنقيةُ الشَّيء وتهذيبُه.
يقولون: خلَّصتُه من كذا وخَلَصَ هو.
والإخلاص هو إفراد الحق سبحانه في الطاعة بالقصد،
وهو أن يريد بطاعته التقرب إلى الله عز وجل دون شيء آخر،
ومن تصنع لمخلوق، أو اكتساب صفة حميدة عند الناس،
أو محبة مدح من خلق، أو معنى من المعاني سوى التقرب به إلى الله تعالى.
ويصح أن يقال: هو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين.
وقيل: الإخلاص: نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق.
ومن تزين للناس بما ليس فيه سقط من عين الله.
قال أبو عثمان سعيد بن إسماعيل:
الإخلاص: أن تريد بقلبك وبعملك وعلمك وفعلك رضا الله تعالى؛
خوفا من سخط الله، كأنك تراه بحقيقة علمك بأنه يراك حتى يذهب
الرياء عن قلبك.
ثم تذكر منة الله عليك إذ وفقك لهذا العمل حتى يذهب العجب من قلبك،
وتستعمل الرفق في عملك حتى تذهب العجلة من قلبك.
وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في معنى الإخلاص العمل لله:
أي لا يمازج عمله ما يشوبه من شوائب إرادات النفس؛
إما طلب التزين في قلوب الخلق، وإما طلب مدحهم،
والهرب من ذمهم، أو طلب تعظيمهم، أو طلب أموالهم،
أو خدمتهم ومحبتهم، وقضائهم حوائجه، أو غير ذلك من العلل والشوائب
التي عقد مفترقاتها: هو إرادة ما سوى الله بعمله كائنا ما كان.
آيات
1- قال اللهُ تعالى:
(وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ
وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ)
[البينة: 5].
2- قال تعالى:
(وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)
[الأعراف:29].
3- قال تعالى:
(فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ)
[الزمر:2].
4- قال تعالى:
(قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ)
[الزمر:11].
5- قال تعالى:
(قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي)
[الزمر:14].
6- قال تعالى:
(فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)
[غافر:14].
أحاديث
1- عن أمير المؤمِنين أبي حَفْصٍ عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه
قالَ: سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يقُولُ:
(إنّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِىءٍ مَا نَوَى،
فَمَنْ كَانَتْ هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله،
ومن كانت هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصيبُهَا، أَوْ امْرَأَةٍ يَنْكَحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْه).
مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
2-
عن أمِّ المؤمِنينَ أمِّ عبدِ اللهِ عائشةَ رضي الله عنها،
قالت: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرضِ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وآخِرِهِمْ).
قَالَتْ: قلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ،كَيْفَ يُخْسَفُ بأوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ وَفِيهمْ أسْوَاقُهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ ؟!
قَالَ:
(يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيّاتِهمْ)
مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. هذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.
3-
عن عائِشةَ رضيَ اللهُ عنها، قَالَتْ: قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم:
(لا هِجْرَةَ بَعْدالفَتْحِ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فانْفِرُوا)
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَمَعناهُ: لا هِجْرَةَ مِنْ مَكّةَ لأَنَّهَا صَارَتْ دَارَ إسلاَمٍ.
4-
عن أبي موسى عبدِ اللهِ بنِ قيسٍ الأشعريِّ رضي الله عنه،
قَالَ: سُئِلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يُقاتلُ شَجَاعَةً،
ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً، ويُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذلِكَ في سبيلِ الله؟
فقال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:
(مَنْ قَاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هي العُلْيَا، فَهوَ في سبيلِ اللهِ)
مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
آثار
1- مما أثر عن الفاروق رضي الله عنه أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري:
" من خلصت نيته كفاه الله ما بينه وبين الناس ".
حلية الأولياء
2- قال العز بن عبد السلام :
" الإخلاص أن يفعل المكلف الطاعة خالصة لله وحده،
لا يريد بها تعظيماً من الناس ولا توقيراً، ولا جلب نفع ديني،
ولا دفع ضرر دنيوي".
3- قال الفضيل:
" أحسن عملاً: أخلصه وأصوبه.
وقال: إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل،
وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً،
والخالص ما كان لله، والصواب ما كان على السنة ".
حلية الأولياء.
4- قال أيضاً:
" لأعلمنك كلمة هي خير لك من الدنيا وما فيها:
والله لئن علم الله منك إخراج الآدميين من قلبك
حتى لا يكون في قلبك مكان لغيره
- لم تسأله شيئاً إلا أعطاك ".
5- قال سهل بن عبد الله:
" الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله -تعالى- خاصة "
إحياء علوم الدين.
6- قال ابراهيم ابن أدهم:
" الإخلاص صدق النية مع الله "
إحياء علوم الدين.
7- قال أبو عثمان:
" الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر الى الخالق "
إحياء علوم الدين.
8- قيل:
" هو تفريغ القلب لله ".
أي: صرف الانشغال عمّا سواه،
وهذا كمال الإخلاص لله تعالى.
9- وقيل:
" الإخلاص تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين "
كما قال حذيفة رضي الله عنه.
التبيان في آداب حملة القرآن.
10- يقول الهروي:
" الإخلاص تصفية العمل من كل شوب ".
11- قال مكحول:
" ما أخلص عبد قط أربعين يوماً إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه "
بستان العارفين للنووي.
12- قال الحسن:
" السجود يذهب بالكبر والتوحيد يذهب بالرياء "
التواضع والخمول لابن أبي الدنيا.
13- قال حذيفة المرعشي:
" الإخلاص:
أن تستوي أفعال العبد في الظاهر والباطن "
بستان العارفين للنووي.
14- قال الفضيل:
" ترك العمل لأجل الناس رياء،
والعمل لأجلهم شرك.
والإخلاص: الخلاص من هذين ".
15- قال سفيان بن عيينة:
" كان العلماء فيما مضى يكتب بعضهم إلى بعض هؤلاء الكلمات:
من أصلح سريرته أصلح الله علانيته،
ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس،
ومن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه ". الإيمان الكبير لابن تيمية ص:60.
16- قال عبدالله بن المبارك:
" رب عمل صغير تعظمه النية،
ورب عمل كبير تصغره النية "
إحياء علوم الدين.
17- قال رحمه الله:
" طوبى لمن صحت له خطوة واحدة، لا يريد بها إلا الله تعالى "
إحياء علوم الدين.
18- عن يحي بن أبي كثير قال:
" تعلموا النية، فإنها أبلغ من العمل "
جامع العلوم والحكم.
19- قال أيضاً:
" الإخلاص سر بين الله وبين العبد لا يعلمه ملك فيكتبه،
ولا شيطان فيفسده، ولا هوى فيميله "
مدارج السالكين.
20- قال العلاَّمة السعدي - رحمه الله -:
" عنوان سعادة العبد: إخلاصه للمعبود، وسعيه في نفع الخلق "
تفسير السعدي.
21- قال الشافعي - رحمه الله -:
"وددت أن الناس تعلموا هذا العلم يعني كتبه
على ألا ينسب إلي منه شيء"
جامع العلوم والحكم.
22- قوله تعالى:
(فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً).
قال ابن كثير:
" وهذان ركنا العمل المتقبل؛ لا بد أن يكون خالصًا لله،
صواباً على شريعة رسول الله "
تفسير ابن كثير.
23- يقول ابن القيم رحمه الله: " أعمال القلوب هي الأصل،
وأعمال الجوارح تبع ومكملة، وإنّ النيّة بمنزلة الروح،
والعمل بمنزلة الجسد للأعضاء، الذي إذا فارق الروح ماتت،
فمعرفة أحكام القلوب أهم من معرفة أحكام الجوارح "
بدائع الفوائد.
قصص
1- قال رجل: لأتصدقن بصدقة.
فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق!
فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على سارق!.
فقال: اللهم لك الحمد. لأتصدقن بصدقة.
فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية!
فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على زانية!.
فقال: اللهم لك الحمد على زانية. لأتصدق بصدقة.
فخرج بصدقته فوضعها في يد غني!
فأصبحوا يتحدثون: تصدق الليلة على غني!.
فقال: اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني!.
فأتيَ في المنام فقيل له: أما صدقتك على سارق فلعله
أن يستعف عن سرقته،
وأما الزانية فلعلها تستعف عن زناها،
وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما آتاه الله.
متفق عليه.
2- قال رجل التميم الداري رضي الله عنه:
"ما صلاتك بالليل؟ فغضب غضباً شديداً ثم قال:
والله لركعة أصليها في جوف الليل في سرّ
أحب إلى من أن أصلي الليل كله، ثم أقصّه على الناس.
3- كان الرجل ينام مع امرأته على وسادة،
فيبكي طول ليلته وهي لا تشعر.
4- لما مات علي بن الحسن
وجدوه يعول مائة بيت في المدينة.
5- للعلامة محمد الأمين الشنقيطي قصة تتعلق بصلاح القصد والنيّة
إذ أن له تآليف عديدة، ومنها منظومة في أنساب العرب، وقد ألّفها
قبل البلوغ يقول في أولها:
في ذكر أنساب بني عدنان سميته بخالص الجمان،
لكنه -رحمه الله- بعد أن بلغ سن الرشد قام بدفن هذه المنظومة،
معللاً أنه كان قد نظمها على نية التفوّق على الأقران،
وقد لامه بعض مشايخه على ذلك، وقالوا له:
كان من الممكن تحويل النية وتحسينها.
وقد نقل عنه العلامة بكر أبو زيد أنه قال:
" إنما ألفته للتفوق به على الأقران،
فدفنته لأن تلك كانت نيتي،
ولو استقبلت من أمري
ما استدبرت
لصححت النية ولم أدفنه ".
حكم
1- (لمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ).
2- الأعمال صور قائمة،
وأرواحها وجود سر الإخلاص فيها.
3- كم من عمل صغير تعظمه النية،
وكم من عمل كبير تصغره النية.
4- قال حكيم لابنه:
" اتق الله؛ فإنه لا عمل لمن لا نية له ،
ولا مال لمن لا رفق له،
ولا حرمة لمن لا دين له ".
[right]